شبابنا والأعمال - 01 مايو 2015

صحيفة عكاظ

شبابنا والأعمال - 01 مايو 2015

2021-11-10    519

روت كتب السنن أن رجلا من الأنصار جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض حاجته، فسأله: «أما في بيتك شيء؟» فقال: بلى، بساط نبسطه، وإناء نشرب فيه، فأمره أن يجيء بهما، فباعهما بدرهمين، وأمره أن يشتري بأحدهما طعاما لأهله، وبالآخر فأسا، وقال له: «اذهب واحتطب ولا أرينك خمسة عشر يوما»! فرجع الرجل بعدها وقد أصاب عشرة دراهم.
إن هذا التصرف النبوي الحكيم هو بمثابة درس حي لشباب وطننا، يعظهم بأن يتحركوا، وينطلقوا، ويبحثوا عن رزقهم في فجاج الأرض، ونواحي الأعمال. لقد جاء الرجل (يشحذ) الدرهم والدرهمين، فإذا به صار يمتلك العشرة من عرق جبينه!


ولقد كان هذا المعنى، ولعله مازال عرفا سائدا في أهل مكة، يغتنمون موسم الحج في خدمة ضيف الرحمن، بما يكسبهم أيضا لقمة حلالا، حتى بات (الموسم) موعدا مضروبا لسداد الديون، ووفاء الالتزامات، فيقول بعضهم لبعض: أسددك بعد الحج.
ولقد مررت شخصيا بهذه التجربة، ووجدت بركتها، فكنت أعمل قديما، وأنا طالب في الجامعة إبان الإجازة في موسم الحج، سائقا للحافلات، ومطوفا للحجاج، ومرشدا لضيوف الرحمن، فأرجع بنحو خمسين ألفا، هي في ذلك الوقت ذات شأن عظيم، حيث لم تكن مكافأة الطالب الجامعي تتجاوز 250 ريالا.
وليس القصد من رواية هذه التجربة الشخصية دعوة الشباب إلى أن يعملوا الأعمال ذاتها، أو يمارسوا المهمات نفسها، ولكن القصد هو إلى المعنى الكامن في هذا التفاعل المكي مع الواقع الاقتصادي المتجدد سنويا.
المعنى المقصود هو حث الشباب على أن يبحثوا عن (فرص الكسب) التي يزخر بها مجتمعهم، ولكل مجتمع طبيعته وبيئته وفرصه الاقتصادية الخاصة بها، والتي كثيرا ما نتركها للآخرين مع الأسف! نحن في بلد بها 600 ألف عاطل، بينما هي تستضيف 12 مليون وافد! إنها صورة واضحة من تنازل شبابنا عن (فرص عمل) حقيقية تدر ربحا كبيرا.
وما ينبغي أن يكون حافزا للشباب على هذا التوجه هو ما تبذله الدولة مشكورة من جهود حقيقية لتوطين الأعمال، بما في ذلك التوجه الجاد نحو (ريادة الأعمال)، وتوجيه الجامعات إلى الحفاوة بالرواد الشباب، إضافة إلى تبني معالي وزير التعليم لمنهجية : (صناعة الأعمال). وهي كلها توجهات استراتيجية تسعى القيادة من خلالها إلى دفع الشباب لإيجاد فرص عمل جديدة تحرك الاقتصاد الوطني، وتقلل من الاعتماد على التوظيف الحكومي، وتستثمر بشكل أفضل الموارد البشرية المميزة التي تحظى بها بلاد الحرمين الشريفين: المملكة العربية السعودية.
إن الفرص واعدة، وأبوابها تنتظر الطارقين لتفتح لهم .. فأين المقدمون؟.


مشاركة :